هل يمكن أن يكون الماضي مفتاحًا للمستقبل؟ - الاردن
هل يمكن أن يكون الماضي مفتاحًا للمستقبل؟
هل يمكن أن يكون الماضي مفتاحًا للمستقبل؟ استكشاف أنظمة المياه القديمة في أذرح
لقطة جوية للأعمدة التي تشكل جزءًا من نظام المياه القديم.
أول مرة زرت فيها أذرح كانت في عام 2020. كنت في طريقي للقاء فريق بحث أثري مشترك بين الأردن وهولندا، بدعم من السفارة، ضمن مشروع "أذرح البحثي الأثري". كان الفريق يدرس قرية أذرح التي تضم حصنًا رومانيًا كبيرًا ونظامًا قديمًا لجمع المياه يُعتبر من الأفضل حفظًا في العالم.
تُظهر النتائج الأولية للمشروع أن أجدادنا استطاعوا جعل الصحراء خضراء باستخدام تقنيات مائية مبتكرة. لكن عند الذهاب إلى أذرح، يصعب تصديق ذلك. فالطبيعة من حولك مليئة بالمساحات الجافة والقاحلة، ولا يوجد ما يشير إلى تلك الابتكارات التي حدثت في الماضي.
عندما وصلت، استقبلني الدكتور فوزي أبو دانة والدكتور مارك دريسين بحفاوة. الدكتور فوزي، بروفسير في جامعة الحسين بن طلال، وُلد ونشأ في أذرح، وكرّس معظم حياته لدراسة تاريخ المنطقة. بالتعاون مع الدكتور مارك من جامعة لايدن، بدأوا مشروع "أذرح البحثي الأثري" في عام 2011.
لأكثر من 13 عامًا، قام فوزي ومارك وطلابهما بدراسة أنظمة حصاد المياه والهياكل التحتية التي ساعدت الحضارات القديمة على الازدهار في هذه المنطقة الجافة بالقرب من البتراء. يعود تاريخ هذه الأنظمة إلى 2000 عام، ويُعتقد أن الأنباط هم أول من أنشأها، ثم استُخدمت لاحقًا من قبل الرومان والبيزنطيين.
الدكتور مارك (يسار) والدكتور فوزي (وسط) يرافقان سمو الأمير الحسن (يمين) في جولة داخل قلعة اذرح.
يمتد النظام على مساحة تتراوح بين 7.5 -8 كيلومتر مربع، ويتكون من 231 بئرا، يبلغ عمق كل بئر 18-20 مترا داخل الحجر الجيري، وتبعد الآبار عن بعضها بمسافة 20-30 مترا. تحت هذه الآبار توجد قناة مائية أفقية مصممة لجمع المياه ونقلها لمسافات طويلة.
عندما تقف في الموقع، يصعب تصديق أن هذه الأنظمة المعقدة موجودة تحت قدميك. أن عبقرية أجدادنا وقدرتهم على بناء هذا النظام بدون أدوات أو تقنيات حديثة لهو أمر مذهل. كيف تم بناء هذا النظام ولماذا تم تركه؟ هذه أسئلة غامضة يسعى فوزي ومارك لفهمها بشكل أفضل من خلال الحفريات والأبحاث.
أذرح مكان مميز غني بالتاريخ والمعرفة، ويعطينا أفكارا مهمة عن طرق وممارسات إدارة المياه في الماضي. بالتعلم من أساليبهم القديمة، قد نتمكن من حل مشاكل المياه والمناخ اليوم، ونساعد في تقوية ومنعة الأردن.
تنقيب أحد الأعمدة التي تنتمي إلى نظام المياه.
منذ عام 2020، دعمت السفارة مشروع أبحاث أذرح الأثري من خلال (3) ثلاث جولات تمويل، إدراكا لإمكانية أن تلهم هذه الابتكارات القديمة حلولًا حديثة.
من خلال دعم المبادرات المشتركة الأردنية - الهولندية لهذا المشروع،نعزز قوة التعاون والشراكة لمواجهة القضايا العالمية، بما في ذلك ندرة المياه وتغير المناخ، وهي أولويات رئيسية للسفارة الهولندية في الأردن.
يستخدم التمويل المقدم من السفارة أيضا لاستكشاف الإمكانات السياحية للموقع، بهدف المساهمة في التنمية الاقتصادية والاستدامة في أذرح.
لمعرفة المزيد عن مشروع أبحاث أذرح الأثرية: